إنستقرام على iPad: حلم قديم يتحقق بلمسة جديدة

لطالما كان السؤال يتردد بين مستخدمي إنستقرام: متى سنرى التطبيق على iPad؟ عقد ونصف تقريبًا من الانتظار، ومئات المطالبات من المستخدمين، وإجابات متكررة من مسؤولي الشركة بأن الأولوية لا تبرر هذا الاستثمار.ومع ذلك، ها نحن اليوم أمام نسخة رسمية طال انتظارها من تطبيق إنستقرام، مصممة خصيصًا لجهاز iPad.
من سؤالٍ عالق إلى حلمٍ مُجسَّد
لكن المفاجأة لم تكن في مجرد إطلاق التطبيق، بل في الطريقة التي اختارت الشركة أن تعيد صياغة التجربة لتتناسب مع الشاشة الكبيرة، وتجعل من Reels نافذة الدخول الأولى لعالم إنستقرام على اللوحي.
خلفية القرار: بين المنافسة والحاجة
لم يكن غياب تطبيق إنستقرام عن iPad مجرّد إغفال تقني، بل كان قرارًا استراتيجيًا. المدير التنفيذي لإنستقرام، آدم موسيري، صرّح في أكثر من مناسبة أن قاعدة المستخدمين المطالبين بالتطبيق على iPad لم تكن كبيرة بما يكفي لجعل المشروع أولوية. لكن ما الذي تغيّر؟ الإجابة قد تكون في كلمتين: تيك توك.
خلال السنوات الأخيرة، وجدت منصات التواصل الاجتماعي نفسها في سباق محموم حول من يقود سوق الفيديو القصير. ومع تصاعد الضغوط القانونية والسياسية على تيك توك في الولايات المتحدة، بدا أن الفرصة مواتية أمام ميتا لتعزيز حضور إنستقرام على منصات جديدة. iPad، بقاعدته الكبيرة من المستخدمين، وخاصة من فئة الأطفال والمراهقين، أصبح فجأة ورقة رابحة.

تجربة مصممة للشاشة الكبيرة
من اللحظة الأولى لفتح التطبيق على iPad، يكتشف المستخدم اختلافًا جوهريًا عن تجربة الهاتف: لن تظهر صور الأصدقاء أو القصص اليومية أولًا، بل ستجد نفسك مباشرة في بحر من مقاطع Reels. خطوة جريئة من ميتا تعكس توجهها الواضح نحو جعل الفيديو القصير هو قلب التجربة. لكن التطبيق لا يقتصر على ذلك. فمن أبرز المزايا الجديدة:
- قصص (Stories) في أعلى الشاشة: واجهة مألوفة لمحبّي إنستقرام، لكنها الآن أكثر وضوحًا على شاشة أكبر.
- علامة تبويب “Following”: وتضم ثلاثة أقسام يمكن التبديل بينها بسهولة:
- All: يعرض منشورات وفيديوهات مقترحة من الحسابات التي تتابعها.
- Friends: محتوى من الحسابات المتبادلة المتابعة معك.
- Latest: تعرض أحدث المشاركات أولًا.
- All: يعرض منشورات وفيديوهات مقترحة من الحسابات التي تتابعها.
- نظام أعمدة متعدد: سواء في الرسائل أو الإشعارات، حيث يمكنك رؤية محادثتك مفتوحة إلى جانب صندوق الوارد، على غرار تجربة سطح المكتب.
- التعليقات بجانب الفيديوهات: لم تعد بحاجة للتنقل بين الصفحات، فالتعليقات تظهر مباشرة بجوار المقاطع.
حين يتنفس انستقرام قدرات iPad
ما يميز نسخة iPad ليس فقط التوسع في الواجهة، بل أيضًا دعمها لتقنيات النظام:
- دعم كامل لنظام النوافذ المتعددة في iPadOS 26.
- الوضع الأفقي والعمودي، ليختار المستخدم طريقة العرض الأنسب.
- دعم لوحة المفاتيح، التراك باد، وقلم آبل، ما يجعل التجربة أقرب للعمل والإبداع لا مجرد الترفيه.
بهذا الشكل، يتحول إنستقرام من مجرد تطبيق للهاتف إلى منصة مرنة تستغل قدرات الأجهزة اللوحية الحديثة.

سباق المنصات: معركة تتجاوز المحتوى
مع كل هذه المزايا، يبقى السؤال: هل سيلقى التطبيق على iPad النجاح المتوقع؟ جزء من الإجابة يتعلق بالتصميم الجديد الذي يضع Reels في الصدارة. بعض المستخدمين قد يجدون هذه الخطوة إقحامًا أو محاولة صريحة لفرض الفيديو القصير على حساب الصور التي شكّلت هوية إنستقرام الأصلية. لكن من منظور الشركة، الأمر يبدو منطقيًا: المستقبل للشاشات الكبيرة والفيديوهات الغامرة.
كما أن المنافسة مع تيك توك لم تعد تقتصر على جودة المحتوى، بل على مدى تنوع منصات الوصول إليه. بوجود نسخة رسمية على iPad، تقترب ميتا خطوة من احتلال مساحة جديدة لم ينجح منافسوها في السيطرة عليها بنفس القوة.
ميتـا تعيد ترتيب أوراقها على الأيباد
من المثير للاهتمام أن إطلاق إنستقرام على iPad جاء بعد فترة قصيرة من إطلاق نسخة واتساب الخاصة بالجهاز. وكأن ميتا قررت أن تعيد رسم خريطة حضورها على الأجهزة اللوحية دفعة واحدة. لكن بينما جاء واتساب ليملأ فراغًا وظيفيًا (التواصل النصي والصوتي المرن على اللوحي)، جاء إنستقرام ليقدم تجربة ترفيهية وإعلامية بصياغة جديدة.
الصورة الأولى… هل تذوب في زمن الحركة؟
إنستقرام وُلد من رحم الصورة الثابتة: صورة ملتقطة بعدسة هاتف قديم، مع فلتر بسيط، وهاشتاغ يربطها بالعالم. واليوم، على شاشة iPad، يبدو وكأنه يتنكر لتاريخه قليلًا ليعتنق الفيديو القصير بكل حماس. ربما في ذلك انعكاس لطبيعة الزمن الرقمي نفسه: لا مكان للصورة الصامتة أمام الفيديو المليء بالحركة والتفاعل. لكن، هل يقتل الجديد القديم، أم يعيد تشكيله في صورة أخرى؟
برأيي، إطلاق إنستقرام على iPad خطوة طال انتظارها، لكنها جاءت بشكل مختلف عن المتوقع. كمستخدم، كنت أتوقع نسخة موسعة من التطبيق الكلاسيكي على الشاشة الكبيرة، لكن الشركة قدّمت ما يشبه إعادة تعريف للتجربة. أعجبتني مرونة العرض وتعدد الأعمدة، أيضًا سهولة قراءة الرسائل ومتابعة التعليقات بجانب الفيديو. لكن في المقابل، شعرت أن التركيز المفرط على Reels ينتزع من التطبيق بعضًا من أصالته.

هل هذا سيمنعني من استخدامه؟ على العكس، أظن أنني سأجد نفسي أفتح التطبيق أكثر على iPad للاستمتاع بالمحتوى دون قيود الشاشة الصغيرة. لكني آمل أن تظل الصور — الهوية الأولى لإنستقرام — جزءًا حاضرًا لا يذوب في ضجيج الفيديوهات.في النهاية، يبدو أن إنستقرام أراد أن يقول لنا: المستقبل شاشة كبيرة، والمحتوى قصير، والمستخدم حر في أن يقرر أيهما يمنحه وقته. خطوة ذكية من الشركة، وخطوة مثيرة للجدل من منظور الهوية. وربما، كما هو الحال مع كل تغيير كبير، سيثبت لنا الزمن إن كانت هذه هي الصيغة التي ستبقي إنستقرام حاضرًا في معركة المنصات، أم أنها مجرد محطة في طريق طويل من التجارب.