تقارير ومقالات

“أبل” تتخذ “شفافية الزجاج” عنوانًا لمنتجاتها وتحديثاتها

لم تَعُد “أبل” تصنع أجهزة.. بل تصنع مشهدًا سينمائيًا جديدًا، حيث ينكسر الحاجز الرابع، وتتلاشى الستائر الثقيلة، وتُضاء الشاشة بشفافية لا تعرف الخداع.

من مؤتمر المطورين WWDC 2025 وبدون حواجز ولا تشكيلات بلاستيكية أو تصميمات موهمة، وكأنك خلف الكواليس وكومبارس، باتت أبل تلزمك بأيام “السينما المصرية” في عصرها الذهبي، وتتذكر معها رشدي اباظة وهند رستم واسماعيل ياسين وسعاد حسني، بحيث انها تعرض أمامك كل شي، وتضعك “بطل الشاشة” ونجم الشباك؛ حينما أصبحت الأجهزة تعتمد على الشاشة المائية التي لا تخفي وراءها أي شي.

عين العميل والمستفيد أصبحت كالمجهر الذي يكشف كل ما يدور في الجهاز

في تصميمها الجديد “Liquid Glass”، لا تجد انعكاسك فقط، بل تجد نفسك داخل الجهاز، كما لو كنت نجم العرض، لا مجرد متفرّج على حافة التقنية.

في هذا الفصل الجديد من رواية التصميم، تستلهم “أبل” فلسفتها البصرية من عمق نظام visionOS، وتُترجم ذلك بلغة “Liquid Glass” — تلك المادة التي لا تكتفي بعكس الضوء، بل تنسج منه حضورًا حسيًا على الشاشة. إنها ليست مجرد واجهة، بل كائن حيّ يتنفس مع حركة يدك، ويستجيب لانفعالاتك البصرية كأن بينكما سر مشترك.

هذه المادة شبه الشفافة، التي تجمع بين وهج الزجاج وذكاء البرمجيات، تتلون بما حولها، وتتكيف بانسيابية بين الضوء والظل، بين وضوح النهار وغموض المساء. وهي وليدة حوار طويل بين فريقي التصميم والهندسة، حيث التقى الخيال بالمعادلة، فخرجت لنا واجهات تتوهج عند اللمس وتتحرك بتناغم مع الإيماءات.

عندما أصبح التصميم كائنًا حيًا يتنفس بإيماءاتك

ولم تقف عند الحواف، بل تسللت إلى كل تفصيلة صغيرة في النظام: من أزرار الصوت إلى أشرطة التمرير، ومن النصوص المتمايلة على الشاشة إلى إشعارات القفل ومركز التحكم. حتى التوقيت على شاشة القفل بات ينساب خلف الصورة كما ينساب الحنين خلف الذكرى، في تصميم يراعي تركيز العين ويقدّس جمال التوازن.

هذا التحوّل البصري يمتد عبر أنظمة التشغيل كلها: iOS وiPadOS وmacOS وwatchOS وtvOS، جامعًا بينها بخيط من الضوء الذكي. أما المطورون، فقد فُتحت لهم الأبواب على مصراعيها، إذ تقدم Apple واجهات برمجية محدثة عبر SwiftUI وUIKit وAppKit، تتيح لهم تبنّي هذا التصميم السائل دون أن يجهدوا في مجاراة الموجة — بل ليكونوا جزءًا من صناعتها.

حين يتحوّل المستخدم إلى مخرج.. والتطبيق إلى مشهدٍ نابض بالحياة

وفي نهاية هذا العرض البصري الذي قدّمته “أبل”، لا يسعني إلا أن أعود بذاكرتي إلى تلك اللحظات الخالدة على شاشة السينما المصرية، حين كان البطل لا يحتاج مؤثرات، بل يكفيه حضوره وصدق المشهد.
اليوم، لم تُطلق أبل منتجًا جديدًا فحسب، بل أطلقت دورًا جديدًا لكل مستخدم؛ جعلته نجمًا، لا كومبارس. أعادت تعريف العلاقة بين الإنسان والجهاز، بين النظر والمرئي، بين الواجهة والمحتوى.

وكأنها تقول لك: ها هي الشاشة، بلا مكياج.. وهذا هو الدور، بلا تمرين.. والمسرح لك، فلا تتردد في أن تبدأ المشهد الأول.

ما فعلته أبل ليس تحديثًا لتصميم، بل إخراج لمشهد حياتي جديد، تُكتب فيه القصة بشفافية الزجاج، وتُروى بلغة الضوء، ويُعرض فيه كل مستخدم على أنه نجم الشباك القادم… من خلف الشاشة.

ABDULLAH ALGHAFIS

مؤسس ومدير موقع نيوتك ، مدون تقني ، إعلامي ، أدير مجموعة مواقع ، مصور فوتوغرافي ومهتم بالتقنية وأخبارها وخاصة الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية ، أسعى لخلق بيئة تقنية عربية واعية ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى